يقول القس السابق / إبراهيم خليل فيلبس الذي تسمى بعد أن من الله عليه بنعمة الإسلام واتباع شريعة خير الأنام, يقول في كتابه: (محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والقرآن)
"في ذروة العمل الديني كقسيس راعي الكنيسة الإنجيلية، وأستاذ العقائد واللاهوت بكلية اللاهوت الكندية بأسيوط، وزميل للمراسلين الأمريكيين والسويسريين والألمانيين بمصر، وكضالعٍ معهم في الحركة التبشيرية من قمة هذا العمل, بدأت دراسة مقارنة للإسلام مع المسيحية من عام 1955 حتى 25/12/1959 عندما أعلنت إسلامي بمصر, ثم اتخذت الإجراءات القانونية لإشهار الإسلام، وكان عمري وقتئذ 40 سنة, واليوم قد بلغت 13/8/1982 - 13/ا/1919 بلغت 63 سنة وسبعة شهور .
أقول ويقول كبار اللاهوتيين المعاصرين:- بالرغم من البصمات البشرية الفادحة من زيادةٍ وحذف، ومن تغييرٍ وتبديل، ومن إسقاطٍ وإقحامٍ في أسفار الكتاب المقدس (التوراة والإنجيل) فإنه لازالت أجزاءٌ برمتها على حالتها الأولى فلم تصب ببصماتٍ بشريةٍ على الإطلاق, ظلت أصلية, برهانٌ ساطع على قطعٍ من التوراة الأصلية, وقطع من مقالات المسيح عيسى بن مريم الأصلية، وهي الإنجيل الأصلي, نعم فالكتاب المقدس المتداول الآن على اختلاف الترجمات في عصرنا هذا، وأمامي نسخة للترجمة العربية البيروتية / الطبعة الثامنة - عام 1936 بمعرفة جمعية التوراة الأمريكية المنشأة عام 1816 بنيويورك، لا زال يشمل أجزاءً هامة ووحيدة للتوراة والإنجيل الحقيقيين, وهي كثيرةٌ والحمد لله, حتى أن كل من يؤمن بالله وبرسوله المسيح عيسى بن مريم ويتبع الكتاب المقدس تمامًا في حالته الراهنة، فإن الكتاب المقدس بما يشمله من أجزاء أصلية سيقوده إلى الإسلام ولا ريب. إن أولئك الذين يتبعون تعاليم موسى تمامًا، وأولئك الذين يتبعون تعاليم عيسى تمامًا عليهما السلام، حتى في حالتهما المتداوله إنما يقادون بفضل الله ونعمته إلى إنجاز وإيفاء ما يطلبه الله منهم.
ولا ريب أن هذا الاختيار الروحي قد مارسه ذوو العقول المتحررة, والقلوب المتعطشة إلى معرفة الحق، ولا غرو أن أقدم ذاتي مثالاً حيًا حتى بعد أن جاوزت الثالثة والستين من العمر أن الله شرح صدري للإسلام فأخذت طريقي إليه هجرةً إلى الله ورسوله.
يحتوي الكتاب المقدس على نصوص شديدة الوضوح حول رسالة وشخصية الرسول النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم، وضوحًا بينًا لا لبس فيه.
حتى إن كثيراً من اليهود والنصارى الغيورين ليسعدون بقبول محمدٍ رسولاً نبيًا بعد ظهوره.
ولكن القرون اللاحقة للمنازعات اللاهوتية، والتي انعقد لأجلها العديد من المجامع المسكونية، شهدت موجةً رهيبةً ومحمومةً لتدوين المخطوطات المقدسة, وما أصابها من تحويرٍ وتنقيحٍ وزيادةٍ ونقصٍ وحذفٍ وإقحامٍ، كانت هذه البصمات البشرية في تدوين الكتاب المقدس غشاوةً سميكةً تخفي الحقيقة، وفي هذه القرون، ولد قانون الإيمان وغشي بشروحاتٍ مذهبية، فإذا ما نحيت هذه وتلك فإن الحقيقة ستظهر في جلاءٍ ووضوح، ومن ثم يستطيع العلماء الباحثون أن يهتدوا إلى الخيوط الربانية.
نحن معاشر المسلمين نؤمن أن التوراة الأصلية والإنجيل الأصلي موحَى بهما من الله على عبديه ورسوليه موسى وعيسى عليهما السلام، ونحن معاشر المسلمين نعلم أن المسيح عيسى ابن مريم بعثه ربه رسولاً إلى بني إسرائيل، فلما ابتدأ رسالته الجهارية بينهم، وجد أن توراة موسى قد تعرضت لبصماتٍ بشريةٍ, فلقد فقدت في عهد مملكة يهوذا، واكتشفت في أيام يوشيا ملك يهوذا، ثم تعرضت للضياع حتى الغزو البابلي في عهد نبوخذ نصر ملك بابل, ثم أعيد تدوينها بعد عودة اليهود المسبيين في بابل إلى أرض فلسطين في عهد كورش ملك الفرس، من ثم تعرضت التوراة إلى عوامل تغيير جسيمة وخطيرة للغاية, لقد تعرضت في إعادة التدوين إلى اللامبالاه، وإضافات توحي بمذاهب وعقائد المحررين والنساخ، ومع هذا فإن المسيح رأى فيها أجزاء ما زالت على أصلها من وحي الله دون أن تمسه يدٌ ولا فكرٌ بشري؛ ولهذا جاهر بقوله لليهود المتعنتين وغيرهم: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل, فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ من الناموس حتى يكون الكل" [إنجيل متى 17:5 - 18], وبهذا التصريح فإن المسيح ابن مريم يصادق على جوهر التوراة، ولقد تعرض إنجيل المسيح عبر ستمائة سنة مثلما عانت التوراة من البصمات البشرية فضلاً عن رداءة الخط في التدوين والنسخ, بالإضافة إلى المخطوطات العبرية والآرمية واليونانية التي أُعد بها كتاب العهد الجديد.
يقول كيرت: [Curtkuhi, theolatestament. Its Original Composition]
[London, 1061 PP. 74.51.52]
"إن الكتاب المقدس المتداول حاليًا لا يحتوي على التوراة والإنجيل المنزلين من الله، ولقد اعترف علماء باحثين أنفسهم باللمسات البشرية في إعداد هذا الكتاب المقدس".
ويقول جيمس هيستنج:
James Hasting, Dictionury of the Bible (new york, 1963) P, p 567-569
"ومع هذا فإننا نتوقع أن نجد خلال صفحات الكتاب المقدس بعض الأجزاء من التوراة والإنجيل الأصليين مما يتحتم معه دراسة جادة؛ لكي تجعل مضمون الكتاب المقدس مفهومًا" إن ما يتميز به الكتاب المقدس حتى في حالته الراهنة، هو أنه يشير إلى أن التنزيل الإلهي إنما يتوالى على من اصطفاهم الله لحمل رسالته من الأنبياء والمرسلين، وسيكمل التنزيل بالنبي الخاتم، نبيٌ وحيدٌ واحدٌ مميز، ورسالته ستكون مستوعبةٌ ومهيمنةٌ، ونبوته ستكون عالمية حتى إنه لن يكون هناك حاجةٌ لرسولٍ بعده.
بشارات من التوراة :
لقد تنبأ سيدنا موسى عليه السلام ببعث الرسول الكريم في عدة آيات :
1- قال في سفر التثنية [3:23] "جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران".
2- في سفر أشعياء [7:1-60]: "قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك؛ لأنه هاهي الظلمة تغطي الأرض والظلام الدامس الأمم, أما عليك فيشرق الرب، ومجده عليك يرى، فتسير الأمم في نورك، والملوك في ضياء إشراقك، ارفعي عنينك حواليك وانظري، قد اجتمعوا كلهم، جاءوا إليك يأتي بنوك من بعيد، تحمل بناتك على الأيدي، حينئذٍ تنظرين وتنيرين، يخفق قلبك ويتسع؛ لأنه تتحول إليك ثروة البحر ويأتي إليك غنى الأمم، تعطيك كثيرة الجمال بكران مديان وعيفة كلها تأتي من شبا تحمل ذهبًا ولبانًا، وتبشر بتسابيح الرب كل غنم قيدار, تجتمع إليك كباش نبايوت تخدمك تصعد إليك مقبولةً على مذبحي وأزين بيت جمالي". وقيدار: هو ابن سيدنا إسماعيل عليه السلام انظر التكوين [12:25-18، تكوين13:21] .
3- وفي أشعياء [10:42-13]: "غنوا للرب أغنيةً جديدة، تسبيحةً من أقصى الأرض، أيها المنحدرون في البحر ومائه, والجزائر وسكانها؛ لترفع البرية ومدنها صوتها، الديار التي سكنها قيدار، لتترنم سالع، من رؤوس الجبال ليهتفوا، ليعطوا مجدًا، ويخبروا بتسبيحه في الجزائر، الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته، يهتف ويصرخ ويقوى على أعدائه". وسالع جبل في المدينة.
وهنا نتساءل أين الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في تلكم الآيات؟ وللإجابة على هذا نجد صلة نسب الرسول الكريم من نبايوت بن إسماعيل بن إبراهيم عليهم أفضل الصلوات والسلام،وهذه السلسلة النبوية الكريمة يدونها موسى عليه السلام هكذا: "وهذه أسماء بني إسماعيل حسب نبايوت بكر إسماعيل، وقيدار ....اثني عشر قبيلة".
ويزداد الأمر وضوحًا وإشراقًا بذكر رموز خاصة "كثرة الجِمال" "يأتي إليك غنى الأمم"، "غنم قيدار"، "كباش نبايوت", "تصعد مقبولة على مذبحي", إشارة إلى يوم النحر بمنى، و"جبل عرفات بمكة"، "الجزائر وسكانها"، "الديار التي سكنها قيدار"، "الرب كالجبار يخرج كرجل حروب وينهض".
4- وفي سفر حبقوق: [4,3:3] قال نبي العهد القديم: "الله جاء من تيمان، والقدوس من جبل فاران سلاه، جلاله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور، له من يده شعاع وهناك استتار قدرته". يتنبأ حبقوق بالرسول، والرسالة, وامتداد رقعة الإسلام، فيوضح سلالة نسب الرسول الكريم بمنبت جده إسماعيل عليه السلام في أرض فاران، ثم يتحدث عن امتداد الإسلام حيث تسبح الأرض بحمده قائله: لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، ثم يتحدث عن الركع والسجود الذين يملأون الأرض بحمده وتسبيحه، ثم يتحدث عن الإعجاز للقرآن الكريم.
من هو قيدار ؟!
تُبين نصوص الكتاب المقدس أن قيدار رمزٌ للعرب عامة، أبناء إسماعيل عليه السلام. إن الكتاب المقدس على بينة بأن في نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام النبي الخاتم، ومن ثم فإن الكتاب المقدس يحمل كل الدلالات على إثبات نسب هذا النبي الخاتم.
بينما يحاول اليهود بكل الطرق أن يبينوا أن إسماعيل ليس ابنًا شرعيًا لإبراهيم.
والكتاب المقدس يحمل كل الدلالات على بنوة إسماعيل الحقيقية، فضلاً عن كونه بكر إبراهيم, ولم ولن يكون بأي ذريعةٍ يتذرع بها أحبار اليهود ابنًا غير شرعي.
نصوص الكتاب المقدس التي تبين أن قيدار رمزٌ للعرب: "فاعبروا جزائر كتيم، وانظروا وأرسلوا إلى قيدار وانتبهوا جدًا، وانظروا هل صار مثل هذا، هل بدلت أمةٌ آلهةً وهي ليست آلهة، أما شعبي فقد بدل مجده بما لا ينفع، ابهتي أيتها السماوات من هذا واقشعري وتحيري جدًا بقول الرب؛ لأن شعبي عمل شرّين، تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم أبارًا مشققة لا تضبط ماء" (إرميام: 10-13) ويقول حزقيال: "العرب وكل رؤساء قيدار هم تجاريدك بالخرفان والكباش,والأعتدة في هذه كانوا تجارك"(حزقيال 27: 21).
ويقول أشعياء: "كل غنم قيدار تجتمع إليك كباش نيابوت تخدمك تصعد مقبولة على مذبحي وأزين بيت جمالي" (أشعياء 7:60), وهذه النصوص تؤكد على أن ذرية قيدار صارت مرموقة عند الله سبحانه، وليست هذه الشهرة عفوًا، ولكن بهدف رباني، وغرض لا مثيل له؛ ليؤكد لبني إسرائيل أن من نسل هذا يولد الذي حياته وأعماله فضلاً عن سمو ذاته سيتحقق فيه النصيب المضاعف لحقوق البكر من المجد لسلالة إسماعيل ولا ريب.
إن طبيعة المجد المضاعف تبدأ بالظهور في العهد القديم في سفر أشعياء التي تتعلق بإيفاء وعد الله ليبارك به الجنس البشري "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تكوين 18:22) من خلال ذرية إبراهيم.
ومع هذا الوضوح إلا أن بعض المفسرين سواء أكانوا يهودًا أم نصارى، يزعمون أن هذه البركات إنما تنصب انصبابًا على المسيح عيسى ابن مريم في ذاته وفي رسالته، ويقف الإصحاح الثاني والأربعون من سفر أشعياء ليجلي الحقيقة في أيهما يكون المجد المضاعف في عيسى أم محمد فيقول:
"هو ذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي سرت به نفسي، وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم" إلى أن يقول: "لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته" (أشعياء: 42: 1-4), فأشعياء يتنبأ عن نبي تشكل نبوته اشتمالاً للجنس البشري كافة, بعكس أنبياء بني إسرائيل ومنهم المسيح عيسى ابن مريم الذي تحددت رسالتهم إلى بني قومهم من بني إسرائيل.
وأشعياء يتنبأ عن رسالة هذا النبي، بل عن ذاته قائلاً: "وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم" (أشعياء 1:42).
فسيقوده الروح الأمين لوضع رواسخ وأسس العدل الاجتماعي في الأرض، وعن ذاته وصفاته فيقول أشعياء: "لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته".
بمقابلة هذا مع رسالة عيسى ابن مريم، فضلاً عن قصر مدتها إذ لا تعدو سنوات ثلاث ونصف السنة, هذا بينما نبوة هذا النبي من سلالة إسماعيل سيمتد بها الأجل لفترةٍ كافية لاستتباب الحق على الأرض؛ ولتأسيس مجتمع مؤمن موحد حقًا, وشعبٌ أسس العدل والحق والنقاء والطهارة الجوانية والظاهرية، ومن ثم فإنه سيصبح كما تنبأ أشعياء قائلاً: "أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدًا للشعب ونورًا للأمم"(أشعياء 42: 6).
ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم سليل إسماعيل هو وحده الذي تتطابق شخصيته مع شخصية الجد الأعلى قيدار، إذ يتنبأ أشعياء فيقول في وضوح وجلاء: "لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار, لتترنم سكان طالع؛ من رؤوس الجبال ليهتفوا" (أشعياء 42: 11).
وتزداد نبوءة أشعياء وضوحًا عن ذات النبي سليل إسماعيل فيقول: "هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرَّت به نفسي، وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم، لا يصيح ولا يرفع ولا يُسمع في الشارع صوته، قصبةً مرضوضةً لا يقصف, وفتيلةً خامدةً لا يطفئ, إلى الأمان يخرج الحق، لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته" (أشعياء 42- 1-3).
ويقول: "هكذا يقول الرب خالق السماوات وناشرها، باسط الأرض ونتائجها، معطي الشعب عليها نسمةً, والساكنين فيها روتحًا, أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدًا للشعب، ونورًا للأمم؛ لتفتح عيون العمى لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة" (اشعياء 42: 5-7), وكذلك فإن أشعياء تنبأ فقال عن سلالة إسماعيل سكان جزيرة العرب: "لترفع البرية ومنها صوتها، الديار التي سكنها قيدار، لتترنم سكان سالع، من رؤوس الجبال ليهتفوا؛ ليعطوا الرب مجدًا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر، الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته، يهتف ويصرخ ويقوى أعدائه" أشعياء(42: 11-13).
إن هذه النبوة لا تنطبق على أحدٍ في أنبياء بني إسرائيل حتى المسيح عيسى ابن مريم الذي يكفينا في بيان محدودية رسالته قوله حين قالت له المرأة الكنعانية: "ارحمني يا سيد يا ابن داود ابنتي مجنونة جدًا (متى 15: 22), فرد عليها وأجاب: "قال: لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة" (متى 15: 4).
زد على ذلك أنه أوصى تلاميذه قائلاً: "إلى طريق أمم لا تمطوا, وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا, بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة" (متى 10: 5-6), من هذين النصين على حسب رواية متى يتبين أن رسالة المسيح كانت محددة لبني قومه.
فهذه الشواهد تبين بكل وضوح أن يسوع المسيح لم يجعل لرسالته طبيعة الشمول، ولم يكن المسيح عيسى ابن مريم أو أي أحد من الأنبياء العبرانيين ينتمي بأي شكلٍ إلى قيدار، إذن فإن الوعد بنبيٍ عظيمٍ من بين العرب هو ما أشار إليه أشعياء باستيفاء حول النبوة بسليل قيدار, ولم يكن أشعياء إلا مؤيدًا لموسى كليم الله، فإن الله سبحانه قد أوحى إلى عبده موسى عليه السلام بأن الله سيقيم نبيًا من وسط إخوتهم.
إن العرب سلالة إسماعيل الابن البكر لإبراهيم أبناء عم إسحاق الابن الثاني لإبراهيم، يستحوذون انتباه عالمي ورجاء الأمم، إذ جاء في التوارة: "أقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك, وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي أتكلم به باسمي أنا أطلبه" (تثنية 18: 19،18).
هذا المنتظر يتحتم أن يكون مؤسسًا وقائدًا ورائدًا لمجتمع أهل الإيمان, هذا فضلاً عن أن رسالة هذا النبي المرتجى ستمكث أمدًا طويلاً كافيًا لإنجاز أهداف حقيقية متماسكة.
نبوءات من الإنجيل :
1- يسوع يخبر تلاميذه بالرحيل:
"لا تضطرب قلوبكم، أنتم تؤمنون بالله، فآمنوا بي في بيت أبي منازل كثيرة، وإلا فإني كنت قد قلت لكم أنا أمضي لأعد لكم مكانًا" [يوحنا: 14: 2،1].
2- يسوع يخبر تلاميذه بالنبي المنتظر:
"إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي, وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق" [يوحنا 14: 15-7].
3- يسوع يؤكد لتلاميذه ملامح النبي المنتظر:
"بهذا كلمتكم وأنا عندكم، وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" [يوحنا 14: 25، 26].
4- يسوع يثني تأكيداته عن شخصية النبي المنتظر:
"ومتى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم عن الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي، وتشهدون أنتم أيضًا معي من الابتداء" [يوحنا 15: 26، 27].
إن ما جاء على حسب رواية يوحنا من وصف لذلك النبي الخاتم إنما هو وصفٌ ناطق واضحٌ وجلي، فجاءت الكلمة (المعزى) وهي الترجمة العربية للكلمة الإنجليزية Comforter وهي ترجمة للكلمة اليوناينة (البارقليط) Parakletos كما جاءت في كتاب العهد الجديد الترجمة اليونانية، هذه الكلمة تعني بأكثر دقة (المحامي) Advocate أي: الإنسان الذي يدافع عن حقوق الآخرين، بل هو الإنسان الذي يحرص على المؤمنين وينصحهم في شئونهم من أجل سعادتهم ورفاهيتهم, إن كلمة (البارقليط) تشير إلى هذا المعنى، بل تشير إلى الإنسان الذي هو رحيم بالبشرية، وفي هذا قال سبحانه: {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين}[الأنبياء: 107], بل هو: الإنسان المرشد والناصح الأمين الذي يقود أولئك الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وفي هذا قال سبحانه: {ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور بإذنه} [الطلاق: 11].
هو ذلك المحامي الأمين الذي يحرص على المؤمنين وفي هذا قال الله: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم} [التوبة: 128] .
فهو الحريص الصادق من أجل رفاهية الإنسانية، يشفع للإنسانية ويهديهم الطريق السوي، ويجعل لهم الخطوة عند الله، فيلقون الله يوم الدين موقنين أنه وحده الديان في ذلك اليوم, ومهما اعتقد العلماء الباحثون أن حديث يسوع المسيح عن المعزى بلسانه الآرمي بأنه يمثل في دقة متناهية الترجمة اليونانية
Peroklytos التي تعني المعجب Admirable أو الممجد Glorified فكلمة (الباراقليط) تطابق (محمد) أو (محمود) في اللغة العربية
* يقول سيدنا عيسى عليه السلام للحواريين: "إن لي أمورًا كثيرة أيضًا لأقول لكم, ولكن لا تستطيعون الآن أن تحتملوا، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق؛ لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمورٍ آتية" (إنجيل يوحنا: 16: 12و13).
* وهكذا يسمي سيدنا عيسى عليه السلام نبي الحق محمد صلى الله عليه وسلم ((روح الحق)).
* وقال عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: [متى : 7: 21، 23] "ليس كل من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات, بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات, كثيرون يقولون لي في ذلك اليوم: يا رب يا رب، أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة، فحينئذ أصرح لهم أني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم", ويقول: "أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا وهو في أعيننا، لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم، ويعطي لأمةٍ تعمل أثمارة " (سفراشعياء : 29: 23-16). فيعظ عيسى الكهنة والكتبة والفريسيين والصدوقين ويندد بهم وبأفعالهم، ويقرر لهم قرار الرب عز وجل بانتزاع النبوة والكتاب من ذرية إسحاق إلى ذرية من ؟
استمع إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ليبين لك ما المقصود بالحجر؟
قال الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم: ((مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانًا، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنةٍ في زاويةٍ من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبهم البناء فيقولون: ألا وُضِعت هنا لبنةٌ فيتم البناء؟ قال صلى الله عليه وسلم: فأنا اللبنة، جئت فختمت الأنبياء )) [رواه مسلم] .
ولعلك أيها القارئ العزيز استطعت أن تدرك بالحجر أنه مجاز عن الرسول الكريم، كما أن فاران مجاز عن الأرض التي سكنها جد الرسول سيدنا إسماعيل عليه السلام.