الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
///////////////////////////
عن النعمان بن بشير رضي الله
عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدعاء هو العبادة ) ثم قرأ : (
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم
داخرين ) غافر/60. قال الألباني : صحيح ( انظر : صحيح سنن الترمذي برقم
2685 )
سمع سعد بن أبي وقاص ابنه يدعو : اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا فقال يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون قوم يعتدون في الدعاء فإياك أن تكون منهم إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها وإن أعذت من النار أعذت منها ومافيها من الشر . صححه الألباني في صحيح سننأبي داود رقم ( 1480 ) 2 / 77 .
وعن أبي العلاء قال سمع عبد الله بن المغفل ابناً له وهو يقول : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة قال يا بني إذا سألت فاسأل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون في آخر الزمان قوم يعتدون في الدعاء والطهور . أخرجه أحمد في المسند رقم ( 16847 ) 4 / 87 وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم (24.96/1)
وترى في أيامنا هذه كثيرًا من الأئمة يُحَوِّلُ الدعاء إلى موعظة طويلة :
(اللهم ارحمنا إذا ثقل منا اللسان ، وارتخت منا اليدان ، وبردت منا القدمان ، ودنا منا الأهل والأصحاب ، وشخصت منا الأبصار ، وغسلنا المغسلون ، وكفننا المكفنون ، وصلى علينا المصلون ،وحملونا على الأعناق ، وارحمنا إذا وضعونا في القبور ، وأهالوا علينا التراب ، وسمعنا منهم وقع الأقدام ، وصرنا في بطون اللحود ، ومراتع الدود ، وجاءنا الملكان ... الخ ) (اللهم إنك تعلم حالنا وترى مكاننا... ، منا النساء ومنا الرجال ، منا الشيوج ومنا الأطفال...)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت (كان النبي يَستحب الجوامع من الدعاء ويَدَع ما سوى ذلك ) صحيح سنن أبي داوود برقم 1482.
وقال عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها (عليك بجمل الدعاء وجوامعه قولي : اللهم إني أسألك من الخير كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأعوذ بك من الشر كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل) الحديث ..رواه ابن ماجه والبيهقي، انظر صحيح الجامع برقم 4047
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى:
الاعتداء في الدعاء يكون تارة
بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات ، وتارة يسأل ما
لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة ، أو يسأله أن يرفع عنه
لوازم البشرية ، من الحاجة إلى الطعام والشراب ، ويسأله بأن يطلعه على
غيبه ، أو أن يجعله من المعصومين ، أو يهب له ولداً من غير زوجة ، ونحو
ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله ، ولا يحب سائله.
قال القرطبي : المعتدي هو المجاوز للحد ومرتكب الحظر ، وقد يتفاضل بحسب ما يعتدي فيه ، ثم قال : والاعتداء في الدعاء على وجوه : منها الجهر الكثير والصياح ، ومنها أن يدعو أن تكون له منزلة نبي ، أو يدعو بمحال ونحو هذا من الشطط . ومنها أن يدعو طالبا معصية.
والاعتداء في الدعاء عرّفه ابن القيم رحمه الله بقوله :
" كل سؤال يناقض حكمة الله أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره أو يتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله " ا.هـ(بدائع الفوائد3/13)
ومن صور الاعتداء في الدعاء (الدعاء على عموم الكفار بالهلاك والاستئصال)
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح كتاب التوحيد عند : باب قوله تعالى ( أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ).: أما الدعاء بالهلاك لعموم الكفار، فإنه محل نظر، ولهذا لم يدع النبي صلى الله عليه وسلم على قريش بالهلاك ، بل قال:"اللهم عليك بهم ، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف" ، وهذا دعاء عليهم بالتضييق ، والتضييق قد يكون من مصلحة الظالم بحيث يرجع إلى الله عن ظلمه. فالمهم أن الدعاء بالهلاك لجميع الكفار عندي تردد فيه .
وقال ابن تيمية: 8/336 : ودعاء نوح على أهل الأرض بالهلاك كان بعد أن أعلمه الله أنه لايؤمن من قومك إلا من قد آمن .
وقال الشيخ الفوزان : : المشروع في القنوت وغيره الدعاء على المعتدين من الكفار على المسلمين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قنت يدعو على الكفار خص المعتدين منهم ولم يدع على جميعهم فقال: اللهم العن فلاناً وفلاناً والقبيلة الفلانية ولم يعمم الكفار.( مجلة الدعوة العدد1869ـ 16 رمضان)
ومن التعدي أن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت ولا يعزم المسألة أو أن يقصد الدعاء المسجوع أويتشدق في دعائه.
وعليه ألا يستعجل ففي
الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ،
يقول : دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري (6340) ومسلم (2735)
وقول بعضهم (يا من أمره بين الكاف والنون)
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية ص76 : وبهذه المناسبة أَوَد أن أُنبه على كلمة دارجة عند العوام حيث يقولون (يا من أمره بين الكاف والنون) وهذا غلط عظيم ، والصواب : ( يا من أمره بعد الكاف والنون) لأن مابين الكاف والنون ليس أمرًا ، فالأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون ؛ لأن الكاف المضمومة ليست أمرًا والنون كذلك ، لكن باجتماعهما تكون أمرًا.اهـ
وكذلك التغني والتطريب بالدعاء من أسباب رده وعدم قبوله لأنه اعتداء في الدعاء ، قال الكمال بن الهمام الحنفي (ما تعارفه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة في الصياح والإشتغال بتحريات النغم إظهارًا للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الرد .ا.هـ (فيض القدير)
وقول البعض (في السماء مُلكك ، وفي الأرض سلطانك ، وفي البحر عظمتك)
وقد سُئِلَت اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذه العبارة فكان الجواب:
"أما العبارة المذكورة في السؤال فتركها أولى ؛ لأن فيها إيهامًا فقد يظن منها البعض تخصيص الملك بالسماء فقط ، أو السلطان بالأرض فقط ، وهكذا .وعظمة الله وملكه وسلطانه وقهره عام في جميع خلقه " .ا.هـ 26/369 .
عائشة رضي الله عنها وهي تسأل الرسول عليه الصلاة والسلام فتقول : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول ؟ قال : قولي : اللهم إنكَ عفوٌ تُحب العفو فاعفُ عني . رواه الترمذي : صحيح الجامع4423
يقول أنس رضي الله عنه وهو يصف دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم {اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} متفق عليه
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت ، أستغفرك أتوب إليك.