ابنك وحب التملك
سمية السحيباني
قد يكون مصطلح حب التملك أقرب إلى الأنانية وحب الذات فهو يطلق على
الرغبة في حيازة الأشياء والاستقلال بها وعدم مشاركة الآخرين.. وهذه تعد
في نظر الكثيرين أنانية.
تبدو هذه الصفة واضحة جلية عند الأطفال.. فمنذ الصغر نجد الطفل حينما يرى
شيئا مغريا بالنسبة له يأخذه وينسبه لنفسه.. وهنا تقع الأمهات في الحرج حين
يصر الطفل على امتلاك شيء ليس له ويرفض إعادته لذويه.. فتقع المعارك بين
الأطفال أو بين الطفل و أمه لإقناعه بأن ذلك ليس ملكه.. فهو لا يستطيع
بدون التوجيه والتربية أن يضبط رغباته الجامحة نحو امتلاك الأشياء.. لذلك
لا بد أن يؤصل الوالدان مبدأ تحديد الملكيات ليعرف ما له وما لغيره
فيحترمها ولا يعتدي عليها.
وقد تقوى هذه الغريزة لدى الأطفال وتبدأ عادة في نهاية السنة الأولى إلى
عمر الثلاث سنوات.. وفي هذه المرحلة يكون الاستحواذ على الأشياء الملفتة
لانتباهه بطريقة تلقائية.. وقد يستعين بالكبار لتمكينه من تملك الشيء الذي
يحبه.. وينبغي علينا إشباع حاجات الطفل وتلبية رغباته والإغداق عليه
بحدود، حتى تمتلئ عينه ولا يضطر إلى الاعتداء على ممتلكات الآخرين.. وكتم
الغيظ عند أخذه للأشياء فهو ما يزال في عمر صغير لا يميز الخطأ من
الصواب.. وينبغي علينا توجيهه بهدوء وحنان بعيدا عن العنف والغضب.
وعندما يكون عمر الطفل فوق ثلاث سنوات.. يكون قد بدأ في التمييز ومعرفة ما
له وما للآخرين فيكون هنا التدريب على احترام الملكية، وأن نرشد هذه
الغريزة لديه ونوجهها التوجيه الصحيح وألا نلبي جميع ما يرغب في امتلاكه
فيتعود على الجشع، ولا نقتر عليه ثم نعاقبه في حال تعديه على ممتلكات
الغير، فالطفل له نفس يجب أن تشبع بحدود المعقول.. فلا تقتير يشعره
بالحرمان ولا تبذير يجعل من الطفل مسرفا أنانيا.
التعاون وتبادل المصالح
وتبقى عملية إعارة الألعاب عملية صعبة جدا بالنسبة للصغير في هذا العمر..
لكن ينبغي إفهامه بأن ما يعيره الآن سيسترده بعد قليل.. وتعويده على
التعاون وتبادل المصالح.. وإلا فإنه سيخسر أصدقاءه وعدم مشاركتهم معه
ألعابهم.
وعادة ما تتجلى هذه الغريزة بوضوح لدى الطفل الأول في العائلة.. فهو معتاد
على اللعب وحده.. وشراء الألعاب وامتلاكها يكون من نصيبه دائما.. فيرفض
المشاركة والأخذ والعطاء.. وهذا الميل الفطري إن لم يهذب ويوجه ويحد بحدود
واضحة أصبح مؤذنا بالخطر والانحراف.. فالنفس تميل إلى تملك كل شي.
وأساس التهذيب يقوم على التربية الصالحة القائمة على القدوة الحسنة
والتلقين النظري والعملي.. وعدم تلبية رغبات الطفل بشكل دائم.. وتذكيره حين
شراء شيء خاص به أن يسمح للآخرين بمشاركته فيها والتبادل معهم.
كذلك أن يقوم الأهل بالتبادل مع أبنائهم وتوضيح أن هناك أشياء هي ملك مشاع
للجميع يستخدمه كافة أفراد الأسرة.. مع التنبيه أن للطفل وحده خصوصيات
وأغراض ينبغي على الجميع احترامها ولا تؤخذ إلا بإذن منه ورضاه.
كما أن هناك مبادئ من الجميل غرسها في نفس الطفل، لكن عندما يصبح واعيا
لها كالقناعة.. ومفهوم الغنى.. وأن حاله أفضل بكثير من غيره من الأطفال
الذين لا يجدون قوت يومهم.. وأن نعلمه الإيثار والكرم.. وأن يعطي المحتاجين
من بعض ممتلكاته.. حتى يحصل على الأجر من الله.
ومن الجميل أيضا تعويده على التوفير والادخار.. بعيدا عن الشح والبخل..
ليستطيع شراء ما يرغب به فيشبع بذلك رغبته الفطرية في حب التملك.
حب
التملك.. هذه الغريزة الإنسانية لا تستدعي القلق والتوتر.. وإنما قليل من
الاهتمام وإشباع الرغبات والتفهم مع التوجيه السليم..يكون العلاج